فصل: ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» (نسخة منقحة)



.[عَدَدُ الشّهَدَاء]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَجَمِيعُ مَنْ اُسْتُشْهِدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. خَمْسَةٌ وَسِتّونَ رَجُلًا. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَمِمّنْ لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ إسْحَاقَ مِنْ السّبْعِينَ الشّهَدَاءِ الّذِينَ ذَكَرْنَا، مِنْ الْأَوْسِ، ثُمّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكٍ: مَالِكُ بْنُ نُمَيْلَةَ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ مُزَيْنَةَ. وَمِنْ بَنِي خَطْمَةَ- وَاسْمُ خَطْمَةَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جُشَمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيّ بْنِ خَرَشَةَ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ خَطْمَةَ. وَمِنْ الْخَزْرَجِ، ثُمّ مِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ مَالِكِ: مَالِكُ بْنُ إيَاسٍ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النّجّارِ: إيَاسُ بْنُ عَدِيّ. وَمِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ: عَمْرُو بْنُ إيَاسٍ.

.ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقُتِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ مِنْ أَصْحَابِ اللّوَاءِ: طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَاسْمُ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدّارِ قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؛ وأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، قَتَلَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ؛ وَمُسَافِعُ بْنُ طَلْحَةَ، وَالْجُلّاسُ بْنُ طَلْحَةَ، قَتَلَهُمَا عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ. وَكِلَابُ بْنُ طَلْحَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ طَلْحَةَ قَتَلَهُمَا قُزْمَانُ، حَلِيفٌ لِبَنِي ظَفَرٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ قَتَلَ كِلَابًا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَرْطَاةُ بْنُ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَأَبُو يَزِيدَ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ قَتَلَهُ قُزْمَانُ؛ وَصُؤَابُ غُلَامٌ لَهُ حَبَشِيّ، قَتَلَهُ قُزْمَانُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَيُقَالُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ وَيُقَالُ أَبُو دُجَانَةَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْقَاسِطُ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ قَتَلَهُ قُزْمَانُ. أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا.
وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ: عَبْدُ اللّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ. قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. رَجُلٌ. وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ: أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثّقَفِيّ، حَلِيفٌ لَهُمْ قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؛ وَسِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى- وَاسْمُ عَبْدِ الْعُزّى: عَمْرُو بْنُ نَضْلَةَ بْنِ غُبْشَانَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَلَكَانِ بْنِ أَفْصَى- حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ خُزَاعَةَ، قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ. رَجُلَانِ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ، هِشَامُ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَتَلَه ُ قُزْمَانُ؛ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَتَلَهُ قُزْمَانُ: وَأَبُو أُمَيّةَ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ حَلِيفٌ لَهُمْ قَتَلَهُ قُزْمَانُ. أَرْبَعَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرٍو: عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، وَهُوَ أَبُو عَزّةَ قَتَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَبْرًا؛ وَأُبَيّ بْنُ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، قَتَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِيَدِهِ. رَجُلَانِ. وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ: عُبَيْدَةُ بْنُ جَابِرٍ؛ وَشَيْبَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْمُضَرّبِ قَتَلَهُمَا قُزْمَانُ. رَجُلَانِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ قَتَلَ عُبَيْدَةَ بْنَ جَابِرٍ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ.

.[عَدَدُ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَجَمِيعُ مَنْ قَتَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ رَجُلًا.

.ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ.

.[شِعْرُ هُبَيْرَةَ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمّا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ فِي يَوْم ِ أُحُدٍ، قَوْلُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ عَائِذٌ ابْنُ عِمْرَانَ بْنُ مَخْزُومٍ:
مَا بَالُ هَمّ عَمِيدٍ بَاتَ يَطْرُقنِي ** بِالْوُدّ مِنْ هِنْدَ إذْ تَعْدُو عَوَادِيهَا

بَاتَتْ تُعَاتِبنِي هِنْدٌ وَتَعْذُلُنِي ** وَالْحَرْبُ قَدْ شُغِلَتْ عَنّي مَوَالِيهَا

مَهْلًا فَلَا تَعْذُلِينِي إنّ مِنْ خُلُقِي ** مَا قَدْ عَلِمْتِ وَمَا إنْ لَسْتُ أُخْفِيهَا

مُسَاعِفٌ لِبَنِي كَعْبٍ بِمَا كَلِفُوا ** حَمّالُ عِبْءٍ وَأَثْقَالٌ أُعَانِيهَا

وَقَدْ حَمَلْتُ سِلَاحِي فَوْقَ مُشْتَرَف ** سَاطٍ سَبُوحٍ إذَا تَجْرِي يُبَارِيهَا

كَأَنّهُ إذْ جَرَى عَيْرٌ بِفَدْفَدَةٍ ** مُكَدّمٌ لَاحِقٌ بِالْعُونِ يَحْمِيهَا

مِنْ آلِ أَعْوَجَ يَرْتَاحُ النّدِيّ لَهُ ** كَجِذْعِ شَعْرَاءَ مُسْتَعْلٍ مَرَاقِيهَا

أَعْدَدْتُهُ وَرِقَاقَ الْحَدّ مُنْتَخَلًا ** وَمَارِنًا لِخُطُوبٍ قَدْ أُلَاقِيهَا

هَذَا وَبَيْضَاءَ مِثْلَ النّهْيِ مُحْكَمَةٌ ** نِيطَتْ عَلَيّ فَمَا تَبْدُو مَسَاوِيهَا

سُقْنَا كِنَانَةَ مِنْ أَطْرَافِ ذِي يَمَنٍ ** عُرْضُ الْبِلَادِ عَلَى مَا كَانَ يُزْجِيهَا

قَالَتْ كِنَانَةُ أنّي تَذْهَبُونَ بِنَا؟ ** قُلْنَا: النّخَيْلُ فَأَمّوهَا وَمَنْ فِيهَا

نَحْنُ الْفَوَارِسُ يَوْمَ الْجَرّ مِنْ أُحُدٍ ** هَابَتْ مَعَدّ فَقُلْنَا نَحْنُ نَأْتِيهَا

هَابُوا ضِرَابًا وَطَعْنًا صَادِقًا خَذِمًا ** مِمّا يَرَوْنَ وَقَدْ ضُمّتْ قَوَاصِيهَا

ثُمّتَ رُحْنَا كَأَنّا عَارِضٌ بَرِدٌ ** وَقَامَ هَامُ بَنِي النّجّارِ يَبْكِيهَا

كَأَنّ هَامَهُمْ عِنْدَ الْوَغَى فِلَقٌ ** مِنْ قَيْضِ رُبْدٍ نَفَتْهُ عَنْ أَدَاحِيهَا

أَوْ حَنْظَلُ ذَعْذَعَتْه الرّيحُ فِي غُصُنٍ ** بَالٍ تَعَاوَرَهُ مِنْهَا سَوَافِيهَا

قَدْ نَبْذُلُ الْمَالَ سَحّا لَا حِسَابَ لَهُ ** وَنَطْعَنُ الْخَيْلَ شَزْرًا فِي مَآقِيُهَا

وَلَيْلَةٍ يَصْطَلِي بِالْفَرْثِ جَازِرُهَا ** يَخْتَصّ بِالنّقَرَى الْمُثَرِينَ دَاعِيهَا

وَلَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ ** جَرْبَا جُمَادِيّةٍ قَدْ بِتّ أَسْرِيهَا

لَا يَنْبَحُ الْكَلْبُ فِيهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ ** مِنْ الْقَرِيس وَلَا تَسْرَى أَفَاعِيهَا

أَوْقَدْتُ فِيهَا لِذِي الضّرّاءِ جَاحِمَةً ** كَالْبَرْقِ ذَاكِيَةَ الْأَرْكَانِ أَحْمِيهَا

أَوْرَثَنِي ذَاكُمْ عَمْروٌ وَوَالِدُهُ ** مِنْ قَبْلِهِ كَانَ بِالْمَثْنَى يُغَالِيهَا

كَانُوا يُبَارُونَ أَنْوَاءَ النّجُومِ فَمَا ** دَنّتْ عَنْ السّوْرَةِ الْعُلْيَا مَسَاعِيهَا

.[شِعْرُ حَسّانٍ فِي الرّدّ عَلَى هُبَيْرَةَ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَجَابَهُ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ:
سُقْتُمْ كِنَانَةَ جَهْلًا مِنْ سَفَاهَتِكُمْ ** إلَى الرّسُولِ فَجُنْدُ اللّهِ مُخْزِيهَا

أَوْرَدْتُمُوهَا حِيَاضَ الْمَوْتِ ضَاحِيَةً ** فَالنّارُ مَوْعِدُهَا، وَالْقَتْلُ لَاقِيهَا

جَمّعْتُمُوهَا أحابِيشًا بِلَا حَسَبٍ ** أَئِمّةَ الْكُفْرِ غَرّتْكُمْ طَوَاغِيهَا

أَلَا اعْتَبَرْتُمْ بِخَيْلِ اللّهِ إذْ قَتَلَتْ ** أَهْلَ الْقَلِيبِ وَمَنْ أَلْقَيْنَهُ فِيهَا

كَمْ مِنْ أَسِيرٍ فَكَكْنَاهُ بِلَا ثَمَنٍ ** وَجَزّ نَاصِيَةٍ كُنّا مَوَالِيهَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِيهَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَيْتُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ الّذِي يَقُولُ فِيهِ:
وَلَيْلَةٍ يَصْطَلِي بِالْفَرْثِ جَازِرُهَا ** يَخْتَصّ بِالنّقَرَى الْمُثَرِينَ دَاعِيهَا

يُرْوَى لِجَنُوبٍ أُخْتِ عَمْرِو ذِي الْكَلْبِ الْهُذَلِيّ فِي أَبْيَاتٍ لَهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ أُحُدٍ.

.[شِعْرُ كَعْبٍ فِي الرّدّ عَلَى هُبَيْرَةَ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يُجِيبُ هُبَيْرَةَ بْنَ أَبِي وَهْبٍ أَيْضًا:
أَلَا هَلْ أَتَى غَسّانَ عَنّا وَدُونَهُمْ ** مِنْ الْأَرْضِ خَرْقٌ سَيْرُهُ مُتَنَعْنِعُ

صَحَارٍ وَأَعْلَامٌ كَأَنّ قَتَامَهَا ** مِنْ الْبُعْدِ نَقْعٌ هَامِدٌ مُتَقَطّعُ

تَظَلّ بِهِ الْبُزّلُ العَرامِيس رُزّحَا ** وَيَخْلُو بِهِ غَيْثُ السّنِينَ فَيُمْرِعُ

بِهِ جِيَفُ الْحَسْرَى يَلُوحُ صَلِيبُهَا ** كَمَا لَاحَ كَتّانُ التّجَارِ الْمُوَضّعُ

بِهِ الْعَيْنُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ** وَبَيْضُ نَعَامٍ قَيْضُهُ يَتَقَلّعُ

مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا كُلّ فَخْمَةٍ ** مُذَرّبَةٍ فِيهَا الْقَوَانِسُ تَلْمَعُ

وَكُلّ صَمُوتٍ فِي الصّوَانِ كَأَنّهَا ** إذَا لُبِسَتْ تَهْىٌ مِنْ الْمَاءِمُتْرَعُ

وَلَكِنْ بِبَدْرٍ سَائِلُوا مَنْ لَقِيُتمُ ** مِنْ النّاسِ وَالْأَنْبَاءُ بِالْغَيْبِ تَنْفَعُ

وَإِنّا بِأَرْضِ الْخَوْفِ لَوْ كَانَ أَهْلُهَا ** سِوَانَا لَقَدْ أَجْلَوْا بِلَيْلٍ فَأَقْشَعُوا

إذَا جَاءَ مِنّا رَاكِبٌ كَانَ قَوْلُهُ ** أَعِدّوا لِمَا يُزْجِي ابْنُ حَرْبٍ وَيَجْمَعُ

فَمَهْمَا يُهِمّ النّاسَ مِمّا يَكِيدُنَا ** فَنَحْنُ لَهُ مِنْ سَائِرِ النّاسِ أَوْسَعُ

فَلَوْ غَيْرُنَا كَانَتْ جَمِيعًا تَكِيدُهُ ال ** وَتَوَزّعُوا

نُجَالِدُ لَا تَبْقَى عَلَيْنَا قَبِيلَةٌ ** مِنْ النّاسِ إلّا أَنْ يَهَابُوا وَيَفْظُعُوا

وَلَمّا ابْتَنَوْا بِالْعَرْض ِ قَالَ سَرَاتُنَا ** عَلَامَ إذَا لَمْ تَمْنَعْ الْعِرْضَ نَزْرَعُ

وَفِينَا رَسُولُ اللّهِ نَتْبَعُ أَمْرَهُ ** إذَا قَالَ فِينَا الْقَوْلَ لَا نَتَطَلّعُ

تَدَلّى عَلَيْهِ الرّوحُ مِنْ عِنْدِ رَبّهِ ** يُنَزّلُ مِنْ جَوّ السّمَاءِ وَيُرْفَعُ

نُشَاوِرُهُ فِيمَا نُرِيدُ وَقَصْرُنَا ** إذَا مَا اشْتَهَى أَنّا نُطِيعُ وَنَسْمَعُ

وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ لَمّا بَدَوْا لَنَا ** ذَرُوا عَنْكُمْ هَوْلَ الْمَنِيّاتِ وَاطْمَعُوا

وَكُونُوا كَمَنْ يَشْرِي الْحَيَاةَ تَقَرّبًا ** إلَى مَلِكٍ يُحْيَا لَدَيْهِ وَيُرْجَعُ

وَلَكِنْ خُذُوا أَسْيَافَكُمْ وَتَوَكّلُوا ** عَلَى اللّهِ إنّ الْأَمْرَ لِلّهِ أَجْمَعُ

فَسِرْنَا إلَيْهِمْ جَهْرَةً فِي رِحَالهِمْ ** ضُحَيّا عَلَيْنَا الْبِيضُ لَا نَتَخَشّعُ

بِمَلْمُومَةٍ فِيهَا السّنَوّرُ وَالْقَنَا ** إذَا ضَرَبُوا أَقْدَامَهَا لَا تَوَرّعُ

فَجِئْنَا إلَى مَوْجٍ مِنْ الْبَحْرِ وَسْطَهُ ** أَحَابِيشُ مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمُقَنّعُ

ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَنَحْنُ نَصِيّةٌ ** ثَلَاثُ مِئِينٍ إنْ كَثُرْنَا وَأَرْبَعُ

نُغَاوِرهُمْ تَجْرِي الْمَنِيّةُ بَيْنَنَا ** نُشَارِعُهُمْ حَوْضَ الْمَنَايَا وَنَشْرَعُ

تَهَادَى قِسِيّ النّبْعِ فِينَا وَفِيّهُمْ ** وَمَا هُوَ إلّا الْيَثْرِبِيّ الْمُقَطّعُ

وَمَنْجُوفَةٌ حَمِيّةٌ صَاعِدِيّةٌ ** يُذَرّ عَلَيْهَا السّمّ سَاعَةَ تُصْنَعُ

تَصُوبُ بِأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً ** تَمُرّ بِأَعْرَاضِ الْبِصَارِ تَقَعْقَعُ

وَخَيْلٌ تَرَاهَا بِالْفَضَاءِ كَأَنّهَا ** جَرَادٌ صَبًا فِي قَرّةٍ يَتَرَيّعُ

فَلَمّا تَلَاقَيْنَا وَدَارَتْ بِنَا الرّحَى ** وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمّهُ اللّه مَدْفَعُ

ضَرَبْنَاهُمْ حَتّى تَرَكْنَا سَرَاتَهُمْ ** كَأَنّهُمْ بِالْقَاعِ خُشْبٌ مُصَرّعُ

لَدُنْ غُدْوَةً حَتّى اسْتَفَقْنَا عَشِيّةً ** كَأَنّ ذَكَانَا حَرّ نَارٍ تَلَفّعُ

وَرَاحُوا سِرَاعًا مُوجِفِينَ كَأَنّهُمْ ** جَهَامٌ هَرَاقَتْ مَاءَهُ الرّيحُ مُقْلَعُ

وَرُحْنَا وَأُخْرَانَا بِطَاءٌ كَأَنّنَا ** أُسُودٌ عَلَى لَحْمٍ بِبِيشَةَ ظُلّعُ

فَنِلْنَا وَنَالَ الْقَوْمُ مِنّا وَرُبّمَا ** فَعَلْنَا وَلَكِنْ مَا لَدَى اللّهِ أَوْسَعُ

وَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ ** وَقَدْ جُعِلُوا كُلّ مِنْ الشّرّ يَشْبَعُ

وَنَحْنُ أُنَاسٌ لَا نَرَى الْقَتْلَ سُبّةً ** عَلَى كُلّ مَنْ يَحْمِي الذّمَارَ وَيَمْنَعُ

جِلَادٌ عَلَى رَيْبِ الْحَوَادِثِ لَا نَرَى ** عَلَى هَالِكٍ عَيْنًا لَنَا الدّهْرَ تَدْمَعُ

بَنُو الْحَرْبِ لَا نَعْيَا بِشَيْءٍ نَقُولُهُ ** وَلَا نَحْنُ مِمّا جَرّتْ الْحَرْبُ نَجْزَعُ

بَنُو الْحَرْبِ إنْ نَظْفَرْ فَلَسْنَا بِفُحّشٍ ** وَلَا نَحْنُ مِنْ أَظْفَارِهَا نَتَوَجّعُ

وَكُنّا شِهَابًا يُتّقَى النّاسُ حَرّهُ ** وَيَفْرُجُ عَنْهُ مَنْ يَلِيهِ وَيَسْفَعُ

فَخَرْتَ عَلَيّ ابْنَ الزّبَعْرَى وَقَدْ سَرَى ** لَكُمْ طَلَبٌ مِنْ آخِرِ اللّيْلِ مُتْبَعُ

فَسَلْ عَنْك فِي عُلْيَا مَعَدّ وَغَيْرِهَا ** مِنْ النّاسِ مَنْ أَخْزَى مَقَامًا وَأَشْنَعُ

وَمَنْ هُوَ لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الْحَرْبُ مَفْخَرًا ** وَمَنْ خَدّهُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ أَضْرَعُ

شَدَدْنَا بِحَوْلِ اللّهِ وَالنّصْرِ شَدّةً ** عَلَيْكُمْ وَأَطْرَافُ الْأَسِنّةِ سُرّعُ

تَكُرّ الْقَنَا فِيكُمْ كَأَنّ فُرُوعَهَا ** عَزَالِي مَزَادٍ مَاؤُهَا يَتَهَزّعُ

عَمَدْنَا إلَى أَهْلِ اللّوَاءِ وَمَنْ يَطِرْ ** بِذِكْرِ اللّوَاءِ فَهُوَ فِي الْحَمْدِ أَسْرَعُ

فَخَانُوا وَقَدْ أَعْطَوْا يَدًا وَتَخَاذَلُوا ** أَبَى اللّهُ إلّا أَمْرَهُ وَهُوَ أَصْنَعُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ قَالَ مُجَالَدُنَا عَنْ جِذْمِنَا كُلّ فَخْمَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيَصْلُحُ أَنْ تَقُولَ مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا؟ فَقَالَ كَعْبٌ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَهُوَ أَحْسَنُ فَقَالَ كَعْبٌ مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا.

.[شِعْرٌ لِابْنِ الزّبَعْرَى]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ:
يَا غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ ** إنّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ

إنّ لِلْخَيْرِ وَلِلشّرّ مَدًى ** وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ

وَالْعَطِيّاتُ خِسَاسٌ بَيْنَهُمْ ** وَسَوَاءٌ قَبْرٌ مُثْرٍ وَمُقِلّ

كُلّ عَيْشٍ وَنَعِيمٍ زَائِلٌ ** وَبَنَاتُ الدّهْرِ يَلْعَبْنَ بِكُلّ

أَبْلِغْنَ حَسّانَ عَنّي آيَةً ** فَقَرِيضُ الشّعْرِ يَشْفِي ذَا الْغُلَلْ

كَمْ تَرَى بِالْجَرّ مِنْ جُمْجُمَةٍ ** وَأَكُفّ قَدْ أُتِرّتْ وَرِجِلْ

وَسَرَابِيلَ حِسَانٍ سُرِيَتْ ** عَنْ كُمَاةٍ أُهْلِكُوا فِي الْمُنْتَزَلْ

كَمْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ سَيّدٍ ** مَاجِدْ الْجَدّيْنِ مِقْدَامٍ بَطَلْ

صَادِقِ النّجْدَةِ قَرْمٍ بَارِعٍ ** غَيْرِ مُلْتَاثٍ لَدَى وَقْعِ الْأَسَلْ

فَسَلْ الْمِهْرَاسَ مَنْ سَاكِنُهُ؟ ** بَيْنَ أَقْحَافٍ وَهَامٍ كَالْحَجَلْ

لَيْت أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ** جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ

حِينَ حَكّتْ بِقُبَاءٍ بَرْكَهَا ** وَاسْتَحَرّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ

ثُمّ خَفّوا عَنْ ذَاكُمْ رُقّصًا ** رَقَصَ الْحَفّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ

فَقَتَلْنَا الضّعْفَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ ** وَعَدَلْنَا مَيْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلْ

لَا أَلُومُ النّفْسَ إلّا أَنّنَا ** لَوْ كَرَرْنَا لَفَعَلْنَا الْمُفْتَعَلْ

بِسُيُوفِ الْهِنْدِ تَعْلُو هَامَهُمْ ** عَلَلًا تَعْلُوهُمْ بَعْدَ نَهَلْ

.[رَدّ حَسّانٍ عَلَى ابْنِ الزّبَعْرَى]:

فَأَجَابَهُ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ:
ذَهَبْت يَا بْنَ الزّبَعْرَى وَقْعَةٌ ** كَانَ مِنّا الْفَضْلُ فِيهَا لَوْ عَدَلْ

وَلَقَدْ نِلْتُمْ وَنِلْنَا مِنْكُمْ ** وَكَذَاكَ الْحَرْبُ أَحْيَانًا دُوَلْ

نَضَعُ الْأَسْيَافَ فِي أَكْتَافِكُمْ ** حَيْثُ نَهْوِى عَلَلًا بَعْدَ نَهَلْ

نُخْرِجُ الْأَضْيَاحَ مِنْ أَسْتَاهِكُمْ ** كَسُلَاحِ النّيبِ يَأْكُلْنَ الْعَصَلْ

إذْ تُوَلّونَ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ** هُرّبًا فِي الشّعْبِ أَشْبَاهَ الرّسَلْ

إذْ شَدَدْنَا شَدّةً صَادِقَةً ** فَأَجَأْنَاكُمْ إلَى سَفْحِ الْجَبَلْ

بِخَنَاطِيلَ كَأَشْدَافِ الْمَلَا ** مَنْ يُلَاقُوهُ مِنْ النّاسِ يُهَلْ

ضَاقَ عَنّا الشّعْبُ إذْ نَجْزَعُهُ ** وَمَلَأْنَا الْفَرْطَ مِنْهُ وَالرّجَلْ

بِرِجَالٍ لَسْتُمْ أَمْثَالَهُمْ ** أُيّدُوا جِبْرِيل نَصْرًا فَنَزَلْ

وَعَلَوْنَا يَوْمَ بَدْرٍ بِالتّقَى طَاعَةِ ** اللّهِ وَتَصْدِيقِ الرّسُلْ

وَقَتَلْنَا كُلّ رَأْسٍ مِنْهُمْ ** وَقَتَلْنَا كُلّ جَحْجَاحٍ رِفَلْ

وَتَرَكْنَا فِي قُرَيْشٍ عَوْرَةً ** يَوْمَ بَدْرٍ وَأَحَادِيثَ الْمَثَلْ

وَرَسُولُ اللّهِ حَقّا شَاهِدٌ ** يَوْمَ بَدْرٍ وَالتّنَابِيلُ الْهُبُلْ

فِي قُرَيْشٍ مِنْ جُمُوعٍ جُمّعُوا ** مِثْلَ مَا يُجْمَعُ فِي الْخِصْبِ الْهَمَلْ

نَحْنُ لَا أَمْثَالُكُمْ وُلْدَ اسْتِهَا ** نَحْضُرُ النّاسَ إذَا الْبَأْسُ نَزَلْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ: وَأَحَادِيثَ الْمَثَلْ وَالْبَيْتَ الّذِي قَبْلَهُ. وَقوله: فِي قُرَيْشٍ مِنْ جُمُوعٍ جُمّعُوا عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

.[شِعْرُ كَعْبٍ فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَقَتْلَى أُحُدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
نَشَجْتَ وَهَلْ لَك مِنْ مَنْشجِ ** وَكُنْتَ مَتَى تَذّكِرْ تَلْجَجْ

تَذَكّرَ قَوْمٍ أَتَانِي لَهُمْ ** أَحَادِيثُ فِي الزّمَنِ الْأَعْوَجْ

فَقَلْبُكَ مِنْ ذِكْرِهِمْ خَافِقٌ ** مِنْ الشّوْقِ وَالْحَزَنِ الْمُنْضِجْ

وَقَتْلَاهُمْ فِي جِنَانِ النّعِيمِ ** كِرَامُ الْمَدَاخِلِ وَالْمَخْرَجْ

بِمَا صَبَرُوا تَحْتَ ظِلّ اللّوَاءِ ** لِوَاءِ الرّسُولِ بِذِي الْأَضْوُجْ

غَدَاةَ أَجَابَتْ بِأَسْيَافِهَا ** جَمِيعًا بَنُو الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجْ

وَأَشْيَاعُ أَحْمَدَ إذْ شَايَعُوا ** عَلَى الْحَقّ ذِي النّورِ وَالْمَنْهَجْ

فَمَا بَرِحُوا يَضْرِبُونَ الْكُمَاةَ ** وَيَمْضُونَ فِي الْقَسْطَلِ الْمُرْهَجْ

كَذَلِكَ حَتّى دَعَاهُمْ مَلِيكٌ ** إلَى جَنّةِ دَوْحَةِ الْمَوْلِجْ

فَكُلّهُمْ مَاتَ حُرّ الْبَلَاء ** عَلَى مِلّةِ اللّهِ لَمْ يَحْرَجْ

كَحَمْزَةِ لَمّا وَفَى صَادِقًا ** بِذِي هَبّةٍ صَارِمٍ سَلْجَجْ

فَلَاقَاهُ عَبْدُ بَنِي نَوْفَلٍ ** يُبَرْبِرُ كَالْجَمَلِ الْأَدْعَجْ

فَأَوْجَرَهُ حَرْبَةً كَالشّهَابِ ** تَلَهّبُ فِي اللّهَبِ الْمُوهَجْ

وَنُعْمَانُ أَوْفَى بِمِيثَاقِهِ ** وَحَنْظَلَةُ الْخَيْرِ لَمْ يُحْنِجْ

عَنْ الْحَقّ حَتّى غَدَتْ رُوحُهُ ** إلَى مَنْزِلٍ فَاخِرْ الزّبْرِجْ

أُولَئِكَ لَا مَنْ ثَوَى مِنْكُمْ ** مِنْ النّارِ فِي الدّرْكِ الْمُرْتَجْ

.[شِعْرُ ضِرَارٍ فِي الرّدّ عَلَى كَعْبٍ]:

فَأَجَابَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ الْفِهْرِيّ فَقَالَ:
أَيَجْزَعُ كَعْبٌ لِأَشْيَاعِهِ ** وَيَبْكِي مِنْ الزّمَنِ الْأَعْوَجْ

عَجِيجَ الْمُذَكّي رَأَى إلْفَهُ ** تَرَوّحَ فِي صَادِرٍ مُحْنَجْ

فَرَاحَ الرّوَايَا وَغَادَرْنَهُ ** يُعَجْعِجُ قَسْرًا وَلَمْ يُحْدَجْ

فَقُولَا لِكَعْبٍ يُثَنّي اُلْبُكَا ** وَلِلنّيءِ مِنْ لَحْمِهِ يَنْضَجْ

لِمَصْرَعِ إخْوَانِهِ فِي مَكَرّ ** مِنْ الْخَيْلِ ذِي قَسْطَلٍ مُرْهَجْ

فَيَا لَيْتَ عَمْرًا وَأَشْيَاعَهُ ** وَعُتْبَةَ فِي جَمْعِنَا السّوْرَجْ

فَيَشْفُوا النّفُوسَ بِأَوْتَارِهَا ** بِقَتْلَى أُصِيبَتْ مِنْ الْخَزْرَجْ

وَقَتْلَى مِنْ الْأَوْسِ فِي مَعْرَكٍ ** أُصِيبُوا جَمِيعًا بِذِي الْأَضْوُجْ

وَمَقْتَلِ حَمْزَةَ تَحْتَ اللّوَاءِ ** بِمُطّرِدِ مَارِنٍ مُخْلَجْ

وَحَيْثُ انْثَنَى مُصْعَبٌ ثَاوِيًا ** بِضَرْبَةٍ ذِي هَبّةٍ سَلْجَجْ

بِأُحُدٍ وَأَسْيَافُنَا فِيهِمْ ** تَلَهّبُ كَاللّهَبِ الْمُوهَج

غَدَاةَ لَقِينَاكُمْ فِي الْحَدِيدِ ** كَأُسْدِ الْبَرَاحِ فَلَمْ تُعْنَجْ

بِكُلّ مُجَلّحَةٍ كَالْعُقَابِ ** وَأَجْرَدَ ذِي مَيْعَةٍ مُسْرَجْ

فَدُسْنَاهُمْ ثَمّ حَتّى انْثَنَوْا ** سِوَى زَاهِقِ النّفْسِ أَوْ مُحْرَجْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِضِرَارٍ. وَقَوْلُ كَعْبٍ: ذِي النّورِ وَالْمَنْهَجْ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ.